0

 




الصحة والبيئة // قضايا زراعية/ عاصم الحكمي: 

تمثل شجرة "القات" واحدة من الأشجار الزراعية، ويعتبر مادة مخدرة أو منبّهه بالنسبة لليمنيين الذين يجعلونه من أولوياتهم لتناوله ومضغه لوقت طويل خلال اليوم، بما يسمى تخزينه في أفوائهم.
وتحتل شجرة القات رقعة واسعة في الأراضي الزراعية مما جعله يقف وراء تراجع الإنتاج الزراعي في محاصيل الخضروات والفواكه ذات الجودة، ووراء تراجع التنمية البشرية لدى الكثير من الأسر اليمنية، الأمر الذي مكّنه من احتكار المياه الجوفية لصالح استمراره.

في السياق التالي استطلاع آثاره وأضراره، وحلولاً بديلة حرص موقع "الصحة والبيئة" على الخروج بها من خلال آراء مواطنين ممن يتناولونه وبائعين له، ومسؤلين..

القات.. أرباح بائعيه وخسائر مشتريه

يقول صالح مهدي احد ملاك مزارع القات: ان أرباح المزارع تتجاوز المليون ريال يمنيّ من محصول القات الذي يمكن قطفه عدة مرات في السنة، وهو أعلى بكثير ممّا كان يحقّقه من المحاصيل الأخرى التي تخلّى عن زراعتها، خلال سنوات الحرب الحالية، مثل آخرين وجدوا ما يغريهم فيه، على الرغم من مخاطر استنزافه لموارد البلاد المائية.

ويؤكد معهدي لـ"الصحة والبيئة"، أسبابَ لجوئة إلى زراعة القات، قائلًا: "ليس للقات موسم محدد كسائر المحاصيل، مثل  البن والقمح والذرة والفواكه والخضار؛ إذ يمكن أن يثمر أربع مرات في السنة، وفي أقل محصول يمنحنا خمسمائة  ألف ريال يمني. أمّا المحاصيل الأخرى فيتم قطفها مرة في السنة، وقد يتعرّض المزارع لخسائر بالغة في بعض الأحيان، كما أنّها قد لا تلقى ذلك الإقبال من المواطنين، مثل القات الذي يتناوله معظم اليمنيين.

توسع واستنزاف

هذا وقد عزّزت الحرب أفضلية هذه الفوارق لصالح القات بالنظر لما لحق المحاصيل الأخرى نتيجة استمرار الصراع، الذي انعكس سلبًا على نشاط الإنتاج الزراعي وارتفاع تكاليفه، مع قلة كبيرة في العائد، على عكس القات الذي توسعت أسواقه، وزاد عدد زبائنه، علاوة على التسهيلات التي يحظى بها من قبل الجهات المعنية، بسبب عوائده الكبيرة عليها.

الجدير بالذكر، أنّ القات يحتل مساحة 38% من الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن، وفقًا لتقديرات غير رسمية، وتشير هذه التقديرات إلى أنّه في توسع مستمر، فيما يستهلك القات 37% من مياه الري، وهذه واحدة من المخاطر العديدة المرتبطة بزراعته، والتي ستمثّل تحديًا مستقبلًا، بالتزامن مع التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد منذ سنوات.

في السياق، يشير عادل عمر، مدير مكتب الزراعة بمحافظة ذمار، إلى أنّ القات يستهلك كميات كبيرة من المياه الصالحة للاستهلاك البشري، بسبب حفر الآبار بصورة عشوائية.

ويلفت في حديثه لـ"الصحة والبيئة إلى أن القات: "لا يخضع القات الذي لا يصنف كمحصول اقتصادي- للتسعيرة مثل بقية المحاصيل الزراعية والخضروات والفواكه، وهو ما يجعله منافِسًا قويًّا لها."

ويصنِّف مكتب الزراعة بالمحافظة، القاتَ من حيث المساحة المزروعة في المرتبة الثانية، حيث يشغل مساحة تقدر بـ171.744 هكتارًا، ويبلغ الإنتاج 291.49 طنًّا لعام 2022، وما زال يتمدّد، وهذا ما يثير قلق رضوان الرباعي  - نائب وزير الزراعة والري ، الذي يخشى أن يؤدّي هذا الوضع مع ارتفاع سكان المحافظة إلى الاضطرار إلى جلب الاحتياجات من خارج المنطقة، وربما من خارج اليمن عامة.

اضرار مختلفة

ولا تقتصر اضرار زراعة القات على الموارد المائية فقط، بل تشمل أيضًا أضرارًا بيئية. يقول خبراء زراعيون، لـ"الصحة والبيئة": "إنّ بعض الأسمدة المُستخدمة تضرّ بالأرض وتجعلها غير صالحة لزراعة المحاصيل الأخرى لاحقًا، فضلًا عن استنزاف جيوب اليمنيّين -المنهكة أساسًا- للإنفاق على تناوله يوميًّا.

أمّا صحيًّا، فالقات -بحسب مختصين- مسؤول عن ارتفاع ضغط الدم واحتشاء عضلة القلب، كما أنّ مضغه لساعات طويلة قد يتسبب في نوبات قلبية مفاجئة، إضافة إلى أنّ القات سببٌ رئيس في فقدان الشهية، وتكون الأورام الخبيثة في الفم، وإذا ارتبط القات بالتدخين يصبح عاملًا مساعدًا في الإصابة بقرحة المعدة والمريء.

حلول مقترحة
يعدّ مضغ القات ثقافة راسخة في المجتمع اليمني، والتخلص منها لا يأتي بسهولة، لكنّ هناك حلولًا تقلل من تعاطيه تحتاج إلى دراسات وتشريعات قانونية، بحسب مدير مكتب الزراعة بذمار، عادل عمر، ويسرد منها: منع زراعته في الوديان والأراضي الخصبة، ووضع تسعيرة له كبقية المحاصيل الزراعية وأقل منها أيضًا، حتى لا تبقى سلعة سائبة تشجع على مزيد من زراعته وانتشاره.
ويرى أنّه "من الواجب على الدولة دعم وتشجيع المزارعين، من أجل الإقبال على زراعة البن، ودعمهم بالمستلزمات الزراعية، إلى جانب منع حفر الآبار لري القات."

………………………………………………………………………
للمشاركات والنشر والمقترحات والمبادرات والتواصل مع فريق وموقع الصحة والبيئة من خلال التواصل على:

777098281
………………………………………………………………………

إرسال تعليق

 
Top